
طالب أفراد من الجالية المغربية المقيمة في ليبيا بتدخل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وكذا السلطات القنصلية في هذا البلد المغاربي، من أجل ترحيل مجموعة من المغاربة نزلاء المؤسسات السجنية الليبية إلى بلادهم لاستكمال عقوباتهم، وبالتالي ضمان قربهم من أسرهم، معيبين على القنصليات المغربية في ليبيا “تهميش هذه الفئة وإقصاءها من الاستفادة من نظام المساعدة القنصلية والقضائية”.
وحسب الشهادات التي استقتها جريدة هسبريس الإلكترونية على لسان مجموعة من المغاربة المقيمين في ليبيا فإن هناك عددا من المسجونين الحاملين للجنسية المغربية ممن يعيشون أوضاعا قاسية ومحكومين بمدد سجنية طويلة، مؤكدين أن البعض منهم زُج به في السجن في “ظروف مشبوهة”، ومنهم من لم يصدر في حقهم أي حكم قضائي إلى حد الآن، بل إن أشخاصا منهم محتجزون في سجون غير نظامية تخضع لسيطرة جهات لا تعترف بسلطة الدولة الليبية.
وسبق للمغرب وليبيا أن وقعا أواخر تسعينيات القرن الماضي اتفاقية في شأن مساعدة الأشخاص المعتقلين أو المحبوسين ونقل المحكوم عليهم إلى وطنهم، تنص على المساعدة القنصلية للمعتقلين، وتوجب على السلطة المختصة في دولة الإدانة إشعار كل محكوم عليه نهائيا من رعايا الدولة الأخرى بما تخوله له مقتضيات هذه الاتفاقية من إمكانية نقله إلى بلده الأصلي لتنفيذ عقوبته.
في هذا الإطار قال محمد حسن الواثق، المدير التنفيذي لجمعية الصداقة الليبية المغربية، إن “وزارة الشؤون الخارجية المغربية كانت ترصد مبلغا سنويا يُوجه للمساعدة القضائية للمغاربة في ليبيا، غير أن هذه المساعدة لم يستفد منها إلا شخص واحد فقط سنة 2012″، مسجلا أن “مجموعة من نزلاء المؤسسات السجنية الإصلاحية في ليبيا يعانون الأمرين ويعيشون أوضاعا سيئة في غياب أي التفاتة إليهم من طرف السلطات القنصلية”.
وأضاف الواثق، في تصريح لـ هسبريس، أن “البعض أدينوا في ظروف مشبوهة، وألصقت بهم تهم ثقيلة، على غرار الاتجار بالبشر، في حين أنهم كانوا يحاولون فقط الهجرة إلى أوروبا انطلاقا من الأراضي الليبية، ومنهم من حكم عليهم بمدد طويلة ويعيشون في السجون بعيدا عن أهلهم وذويهم، في حين كان يفترض أن تواكب السلطات القنصلية أوضاعهم باستمرار وتطلع على حيثيات وظروف محاكمتهم، وتعمل على نقلهم إلى المغرب لقضاء فترة محكوميتهم”.
ودعا المتحدث ذاته إلى “تدخل السلطات المغربية لحصر وتصنيف حالات السجناء في السجون الليبية، وإجراءات زيارات ميدانية للوقوف عند أوضاعهم، مع العمل على تمكينهم من حقوقهم وكذا من الاستفادة من برامج الإصلاح والتأهيل”، مشيرا إلى “وجود حالات تهم أشخاصا محتجزين في مراكز اعتقال واحتجاز تقع خارج سيطرة السلطات الليبية وتديرها مجموعات متطرفة”.
من جانبه، أورد نبيل أولاد أحرامت الله، مغربي مقيم في ليبيا، ضمن حديث مع هسبريس، أن “وزارة الداخلية الليبية عقدت مؤخرا اجتماعات مع مجموعة من القناصل الممثلين لبلدانهم في ليبيا، تم خلالها طرح تنقيل مواطنيهم المحكومين إلى بلدانهم الأصل، باستثناء المغرب الذي لم تحرك سلطاته أي ساكن في هذا الاتجاه، في وقت تستمر معاناة المدانين المغاربة ومعهم الجالية المغربية بأكملها التي تعاني وتشتكي من التهميش الذي طالها لمدة سنوات”.
وأشار المتحدث ذاته إلى “وجود مغاربة مسنين قضوا مددا طويلة في السجون الليبية، ولم يصدر في حقهم إلى حد الآن أي حكم قضائي، ومنهم أيضا من وجد نفسهم متورطا في قضايا كبيرة تفترض تدخل القنصليات والسلطات في المغرب لتوكيل محامين للدفاع عنهم وتوضيح ملابسات اعتقالهم”، مسجلا أن “العلاقة بين مغاربة ليبيا والقنصليات تقتصر فقط على إعداد واستخراج الوثائق لا أقل ولا أكثر، وهو ما يخالف حتى التوجيهات الملكية السامية بإيلاء العناية والاهتمام لمغاربة المهجر”، مطالبا هو الآخر بتدخل الوزارة المعنية في الرباط لرد الاعتبار لهذه الفئة.
ونقلت جريدة هسبريس الإلكترونية هذه المطالب إلى مصدر قنصلي أكد أن “القنصلية تعاني من قلة في الموارد البشرية وتواجه ضغطا كبيرا من المرتفقين نتيجة الطلب الكبير على استخراج الوثائق الإدارية؛ وبالتالي فإن قلة الموارد لا تمكن من عرض جميع الخدمات القنصلية أمام المواطنين للاستفادة منها”.
وأكد المصدر ذاته أن “الحالات موضوع هذه المطالب يُكلف بها موظفون خاصون بالشؤون الاجتماعية، تُعزى إليهم مهمة تتبع المواطنين المغاربة في السجون أو الذين يشكلون موضوع تحقيق قضائي أو حكم قضائي، غير أن هؤلاء الموظفين لم يتم استقدامهم بعد من المغرب”.