
تراقب الجالية المغربية بفرنسا خطاب اليمين المتطرف حول موضوع الهجرة واللجوء، قبل انطلاق الجولة الثانية الأخيرة من الانتخابات التشريعية، غدا الأحد، وسط شعور بعضهم بـ “بالعنصرية واللامبالاة”.
في آخر مستجدات هذه الانتخابات، أظهرت استطلاعات رأي جديدة، أول أمس الخميس، تناقلتها وسائل إعلام فرنسية، “تراجعا لحزب التجمع الوطني”، مبقية إياه في التفوق على منافسيه، وذلك “دون قدرته غدا الأحد على تحقيق الغالبية البرلمانية المطلقة”.
خطاب انتخابي
يحمل التجمع الوطني اليميني المتطرف موضوع الهجرة كدعامة أساسية في حملته الانتخابية، وقد شرحت قناة “1Europe”، في تقرير لها، الأهداف التي يعد بها هذا التيار في حال فوزه النهائي بالانتخابات.
يعد حزب مارين لوبان، وفق المصدر ذاته، بـ”قانون طوارئ” يمكّن الأبوين من جنسيتين أجنبيتين من سلك مسطرة محددة، والالتزام بشروط دقيقة لكي يحصل ابنهما المزداد في الأراضي الفرنسية على الجنسية”.
وتوعّد جوردان بارديلا، رئيس الحزب، بـ “منع” مزدوجي الجنسية من الحصول على مناصب حساسة في الدولة الفرنسية، خاصة حقائب الدفاع، والسماح فقط للأوروبيين بالتنقل وفق نظام “شنغن”، وتسليط عقوبات قاسية على المهاجرين الذين يعملون بشكل غير قانوني.
وقالت مونا بناني، رئيسة الجمعية المغربية الفرنسية “Asli” التي تضم شبكة من الجالية المغربية بفرنسا، إن “خطاب اليمين المتطرف أصبح مستهلكا تماما، وحمى الانتخابات بالنسبة لمزدوجي الجنسية أصبحنا نواجهها باللامبالاة”.
وأضافت بناني، في تصريح لهسبريس، أن متابعة خطابات التيارات السياسية بفرنسا “أمر مرهق”، وأحيانا يظهر نوع من “الصبيانية” من قبل هؤلاء السياسيين عند تطرقهم لموضوع الهجرة واللجوء.
وأكدت المغربية المقيمة بفرنسا أن جالية المملكة بهذا البلد، غالبيتها “لا تهتم بما يجري بين المرشحين، وتركز على حياتها وأهدافها الخاصة في الحياة”، مبرزة أن “المغاربة بهذا البلد لهم سمعة جيدة، يعملون ويكدحون من أجل مستقبلهم فقط، وأيضا دون أن ينسوا بلدهم الأصل، المغرب”.
وحول ما إذا كانت وعود اليمين المتطرف بخصوص ملفات مزدوجي الجنسية والمهاجرين تخيفهم قبل الجولة الثانية، شددت بناني على أن “الأمر لا يخيفها شخصيا، بقدر ما تعتبره مجرد كلام انتخابي”.
الإحساس بالعنصرية
يختلف التحالف اليساري بفرنسا في تصوراته تجاه ملفات الهجرة، إذ يطمح إلى “الترحيب بالجميع، وتوفير المساعدة الطبية الحكومية، وإلغاء قانون الهجرة المعتمد مؤخرا، وتسهيل إجراءات الحصول على الجنسية؛ بل إلى حد تشكيل قوة عسكرية تنقذ المهاجرين في عرض البحر”.
واكتسح التحالف اليساري نتائج انتخابات الجولة الأولى في المنطقة التاسعة لفرنسيي الخارج، في كل من بلدان المغرب الكبير وبعض من بلدان الغرب الإفريقي.
والإحساس بـ”العنصرية” هو ما لمسه مرغين الحو، رئيس جمعية التنمية “akhjam et sens”، التي تضم مغاربة فرنسا وأيضا مساهمين من جنسية فرنسية، بعد ملاحظته خطاب اليمين المتطرف قبل الجولة الثانية.
وقال الحو لهسبريس: “خطابهم عنصري تجاه مزدوجي الجنسية والمهاجرين. لم نعد نطيق سماع عباراتهم تجاه ملف الهجرة”، مؤكدا أنه شخصيا يحس بخوف كبير من صعود التجمع الوطني.
وتابع بأن “مغاربة فرنسا ممن لهم جنسية مزدوجة قاموا تقريبا جميعهم بالتصويت للتحالف اليساري، وبعضهم لكتل أخرى غير اليمين المتطرف، وهذا أمر واضح يجسد الخوف من هذا الصعود”.
وسيكون الأمر صعبا بالنسبة للمغاربة الذين لم يحصلوا بعد على الجنسية الفرنسية، وأولئك الذين أوضاعهم المادية متواضعة، وفق جعفر العلمي، عضو بجمعية “Asli” سالفة الذكر.
وقال العلمي لهسبريس: “بالنسبة للمغاربة الذين حسنوا وضعيتهم المادية ويشتغلون في شركات عالمية وأخرى كبرى، يكون خطاب اليمين المتطرف مجرد كلام انتخابي. أما الآخرون، فإن الأمر يهددهم بالفعل”.
وأضاف المغربي المقيم بفرنسا أن خطاب التجمع الوطني قبل الجولة الثانية كان بالنسبة إليه شخصيا “غير مؤثر”، ولا يخيفه تماما، طالما أنه حقق وضعية مادية محترمة، تمكّنه من التصدي لمختلف المخاطر السياسية والاقتصادية المترتبة عن صعود هذا التيار.
ويعتزم معسكر ماكرون من خلال خطابه الانتخابي أن “يبقى وفيا لقانون الهجرة المعتمد مؤخرا، مع طرد المهاجرين المتطرفين، واشتراط إتقان الفرنسية واحترام مبادئ الجمهورية للراغبين في الحصول على تصاريح الإقامة طويلة الأمد”.